صفحة:مفيد العلوم ومبيد الهموم.pdf/74

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

٥٨

حاجة له إلى التكليف فإنه كان قادرًا أن يدخلهم الجنة من غير تكليف وكيف أمر بالرحمة وهو يرى المساكين والمرضى والزمنى ولا يرحمهم وعلم من الكفار الكفر ومن العصاة المعصية وأراد منهم ذلك فإنه لا يجوز أن يكون معلومًا دون ارادته ومع ذلك يعذب الكفار والعصاة وهو حكيم ويعذب عباده على ماأراده منهم فالعبد يقول يا رب أنت قضيت وأجريت فهذا والله العجب كل العجب له خزائن وجواهر وعباده يموتون بالجوع ولا يعطيهم ويقول لهم اصبروا وصابروا على الفقر الذي لا أنتفع به وتموتون عليه ثم يقول إن الله لا يسأل عما يفعل وهذا باب تحيرت فيه العقول هل يجوز أن يأمر بشيء يخرج عن الحكمة وينوب عنه العقل ثم ينهى العاقل عن البحث عنه وهل هذا الّا جور وظلم وأنشد قائلهم

سبحان من أنزل الدنيا منازلها
وصير الناس مسبوا ومرفوفا
فعاقل فطن أعيت مذاهبه
وجاهل خرق تلقاه مرزوقا
كأنه من خليج البحر مغترف
ولم يكن بارتزاق القوت محقوفا
هذا الذي صير الألباب حائرة
وصير العالم النحرير زنديقا
وأنشد المسكين اليائس ابن الراوندي
يا قاسم الرزق لم فاتتني القسم
ما أنت متهم قل لي من اتهم
إن كان نجمي فنجمي أنت منجمه
وأنت في الحالتين الخصم والحكم
فخذ من العلم شطرا واعطني ورقا
لا تحوجني الى من شخصه صنم

الجواب أقول يا معشر المسلمين سلوا الله الثبات على الإيمان واحفظوا لسانكم عن الطغيان فإنها مزلة الاقدام وحيرة الانام يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك وطاعتك هذه مسئلة محي بسببها اسم عزيز من ديوان النبوة وعوتب عليها موسى بن عمران وإذا ذكر القدر فأمسكوا والسر فيه ان تكليف الله عباده يجري مجرى تكليف المريض فإذا غلبت عليه