صفحة:مفيد العلوم ومبيد الهموم.pdf/66

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

٥٠

وهبني قلت هذا الصبح ليل
أيعمى العالمون عن الضياء

وضعفاء الناس ومساكين الكلاب أنما أتوا بالفرق من قلة الفهم بين العقل والعلم فنحن نذكر أنواع العلوم حتى ينكشف لأهل البصائر حدّ العقل فليعلم ان العلوم ثلاثة أنواع: النوع الأول علم ضروري يحصل للعاقل من غير كسب ونظر ولا يقدر على دفعه عن نفسه لا بالنفي ولا بالاثبات وسمي ضروريًا لاشتماله على نوع من الضرر كعلم الانسان بوجود نفسه وعلمه ان الاثنين أكثر من الواحد والثاني البديهي كعلم الانسان والثالث علم الاستدلال لا يحصل إلا بالتكسب والتذكر وهو علم النظر فإذا ثبتت هذه القاعدة فاعلم أن لعقل نوع من العلم الضروري وما ذكرناه يعرف به جواز الجائزات واستحالة المستحيلات ويعرف به وجوب واجبات العقل أن الصنع لا بد له من صانع والكتاب لا بد له من كاتب ودليل العقل يدل على المعقول لذاته وصفاته فكل عاقل يعلم من نفسه أن الصنع لا بد له من صانع والبناء لا بد له من بان وأن الاثنين أكثر من الواحد وأن شخصًا واحدًا لا يكون في مكانين في حالة واحدة سواء كان ملكًا مقربًا أو نبيًا مرسلًا والعقل معنى واحد في الآدمي ومع وجود ذلك المعنى يقدر على النظر والاستدلال ولا يجوز أن يوصف المعنى الواحد بالزيادة والنقصان لأن العرض الواحد لا يتجزئ ولا يتبعض ووراء ذلك أوصاف أخر لا تتعلق بالعقل وتشتبه على الناس مثل البلادة والكياسة والتجربة والاستعمال فهذه لا تعقل لها بالعقل بل يرجع إلى دوام التجربة لأن العقل في حصول العلم به مثل آلة والعمل بذلك الآلة هو التجربة والنظر في وجوه الدليل وهذا يتعلق بكسب الآدمي فهذه متفاوتة جدًا فعرفت أن أصل العقل لا يتفاوت وأوصاف أخر يطلق عليها اسم العقل مجازًا واستعارة ذلك تتفاوت ويخرج عن هذه القاعدة جميع أسئلة الخصم أن عقل الملك