صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/96

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ۹۲ –

فأما نوع الحكم الذي يحتمه الإسلام فهو الحكم الشورى. والقرآن ينص على هذا نصاً: ﴿وشاورهم في الْأَمر والنبي يقول: «لو كنت مؤمراً أحداً دون مشورة المؤمنين لأمَّرت ابن أمِ عبد» فيقرر مبدأ الشورى فى الحكم وفى الإدارة تقريراً صريحاً. لأنه وهو النبى لا يملك أن يؤمر أحداً دون مشورة المؤمنين.

فأما طريقة الشورى فلم يحددها الإسلام تحديداً معيناً، لأنها مسألة نظامية ترجع إلى حاجات كل عصر، ووسائله وإمكانياته فى تحقيق المبدأ، فى كل مكان وفى كل زمان.

فحين كان أهل الرأى الذى يمثل الشعب كله مجتمعين فى المدينة حول النبي - وهم الصحابة - كان النبى يستشيرهم - فيما لا وحى فيه ولا نص بطبيعة الحال - ويترك لهم حرية القول والتصرف فى شؤونهم الدنيوية، لأنهم أخبر بها. ومعنى دنيوية هنا أنها لا تتعلق بحكم شرعى أو اجتماعى، وإنما تمثل الخبرات العملية، كفنون القتال، وزراعة الأرض، وحماية الثمار. وما إليها. وهى ما نستطيع أن نسميه فى عصرنا الحاضر الشؤون العلمية البحتة والشؤون العملية التطبيقية.

وأما الشؤون التشريعية الخاصة بالإنسان: روحه وعقله، وعلاقاته بالناس وعلاقات الناس به، والحدود بين حقه وواجبه.. الخ، فتلك مسائل يرجع فيها إلى النصوص والقياس، أى إلى القوانين الإسلامية