صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/95

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ٩١ –

كتب أبو بكر أعرف أصحاب رسول الله بروح الإسلام، إلى أبي عبيدة بن الجراح، الذي كان يلقبه رسول الله «أمين الأمة» يقول:

« بسم الله الرحمن الرحيم. من عبد الله بن أبى قحافة إلى أبى عبيدة ابن الجراح. سلام الله عليك. أما بعد، فقد وليت خالداً قتال العدو في الشام، فلا تخالفه واسمع له وأطع، فإنى وليته عليك وأنا أعلم أنك خير منه وأفضل دينا. ولكن ظننت أن له فطنة فى الحرب ليست لك. أراد الله بنا وبك سبيل الرشاد».

فالذين يخشون - لو حكم الإسلام - أن يبصروا فيروا على رأس الجيش مثلا فى المعركة، أو فى مصلحة الكيمياء أو الطب الشرعى، أو فى وزارة الأشغال أو المالية، شيخاً مطمطما، أو درويشاً معمما لمجرد أنه قرأ كتب الفقه والسنة، أو حفظ المتون والحواشى والشروح، أو أتقن التراتيل الدينية ودلائل الخيرات.. أولئك فليطمئنوا. فواقع الإسلام التاريخى، كأصوله النظرية، لا يعترف إلا بالكفاية الخاصة فى العمل الخاص. ولكل وجهة هو موليها.

إن حكم الإسلام لا يتحقق لأن فى الحكم طائفة دينية - وليس فى الإسلام كما ترى طائفة دينية - إنما يتحقق لأن القانون الإسلامى ينفذ، ولأن فكرة الإسلام تحكم، ولأن مبادئه ونظمه تحدد نوع الحكومة، وشكل المجتمع. وهذا كل ما هناك.