صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/94

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ٩٠ –

كما يتولى الطبيب عمله لتعلمه الطب العام أو التخصص فى فرع منه؛ وكما يتولى المهندس عمله لتخصصه فى الهندسة أو فرع منها.. والقاضى ليس رجل دين فى الإسلام. إنما هو مسلم حذق فرعاً من فروع المعرفة، فأسند إليه العمل الذى يحسنه. ولكل امرئ ما يتحسنه فى الحياة.

والخدمة الدينية - كمجرد إمامة الصلاة - ليست عملا بأجر الإسلام من يقوم به من بيت مال المسلمين! ما لم تكن لهذا الإمام وظيفة أخرى يؤديها. كإلقاء دروس فى المسجد، أو القيام بإدارته من الناحية النظامية لا التعبدية. فإمامة المصلين ليست وقفاً على شخص من المصلين. إنما يؤمهم أفضل الموجودين، وتصبح صالاتهم جماعة أو فرادى إلا فى صلاة الجمعة خاصة، ومن هذا البيان يتضح أن ليس فى الإسلام «رجال دين» يخشى أن يتولوا الحكم إذا صار الحكم إلى الإسلام.

ذلك من الوجهة النظرية؛ فأمّا من وجهة الواقع التاريخى فى الإسلام فإن حذق الفقه الإسلامى لم يكن بذاته مرشحاً للحكم، وتولى الأعمال فى القيادة والإدارة وما إليها، حتى فى أزهى عصور الحكم الإسلامى الكامل. إنما كان الحذق فى كل حرفة هو المؤهل لها دون نظر إلى درجة الفقه الدينى لصاحبها، ولا حتى الميزة الكبرى التي يعتبرها الإسلام أساساً للتفاضل بين الناس، وهي التقوى.