صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/93

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٨٩ -

حتى تلك الأزياء الخاصة للمشايخ والدراويش.. إنها ليست شيئاً فى الدين، فليس هنالك زى إسلامى وزى غير إسلامى؛ والإسلام لم يعين للناس لباساً، فاللباس مسألة إقليمية؛ ومجرد عادة تاريخية، ومحمد بن عبد الله لم يلبس جبة وقفطاناً، أو قفطاناً و «کاکولة» وإنما لبس ثيابه العربية التى كان يلبسها قومه وجيله. كذلك لبس المسلمون فى فارس ثيابهم الفارسية، والمسلمون فى مصر ثيابهم المصرية.

وعلام يتميز بعض المسلمين من بعض بلباس؟ وليس فى الإسلام رجال دين، ولا هيئة « إكليروس » لا تقام الطقوس الدينية إلا بوساطتها. والتفقه فى الدين اجتهاد كالتفقه فى الطب والهندسة والتجارة وسائر المعارف الإنسانية الأخرى.

نعم قد توجد مناصب رسمية كمناصب القضاء، ولكن الإسلام لا يعرف أن هناك قاضياً للأحوال الشخصية يحكم بالقانون الإسلامى، وقاضياً للعقوبات والمدنيات يحكم بقانون غيره. الإسلام لا يعرف إلا شريعة واحدة تنظم العقوبات والشؤون المدنية، كما تنظم أحوال الزواج والطلاق والميراث؛ وتخضع الجميع لفكرة كلية واحدة تصدر عنها هذه التفريعات فى شتى نواحى النشاط الإنسانى. والذى يتولى القضاء فى هذه النواحى جميعاً أو فى ناحية واحدة منها – حسب تخصيص الدولة له – إنما يتولاه باسم تفقهه فى الشريعة كلها أو بعضها.