صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/90

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ٨٦ –

إن بعض هذه الجمهرة ليسخر من هذه الفكرة؛ وهو أحق بالسخرية. لأنه يسخر سخرية الجهل والكسل، وسخرية الفتنة بحضارة لم يشترك فى صنعها، وإنما هو عالة عليها!

ولو كانت لنا عقلية تشريعية يقظة، لأدركنا من تطبيق القانون الفرنسى سبعين عاما، ذلك التصادم الذى تحدثنا عنه بين روح القانون وروح الجماهير، وذلك التنافر بين طبيعته وطبيعة الشعب الذى يطبق عليه، ومدى الفشل فى إقناع هذا الشعب بعدالة هذه القوانين التى تسن له.

ولو اقتنع الشعب بعدالة القانون، ولو اتفقت روحه مع روحه، ما عاشت تلك الظاهرة التى أبرزتاها، ظاهرة تكتل الجماهير فى صف الخارجين على القانون، واعتبارهم أبطالاً يستحقون الإعجاب والحماية والمساعدة!

إن استيحاء الشريعة الإسلامية سيحقق استجابة الناس للقانون أولا: لأنه سيمنحهم عدالة اجتماعية كاملة؛ ويقف فى سبيل الطغاة والمستغلين، وينشئ مجتعا سليما من الآفات التى تفسد فطرة الناس، وتحرمهم الثقة، وتشيع فيهم القلق والسخط والتمرد. وثانياً: لأنه سيتصل في نفوسهم بعقيدة قوية، وتتفق روحه مع أرواحهم فى الأعماق. وسيكون التعاون بين الجمهور والسلطات مستمداً من أن هذا التعاون لا يرضى السلطات الأرضية وحدها، ولكنه يرضى كذلك سلطان السماء، ويحقق عدالة السماء.