صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/89

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ٨٥ –

الإنسان عبداً لشهواته ولذائذه، كذلك الفريق التافه الذى يسمى فى عصرنا هذا «أولاد الذوات»!

كذلك يخلط الكثيرون بين الشريعة الإسلامية فى ذاتها، وبين النشأة التاريخية للفقه الإسلامى، فيحسبون أن معنى استيحاء القوانين من الشريعة، هو الوقوف عند الأحكام الفقهية التى وردت فيها – وهى بطبيعة الحال لا تكفى لمواجهة حاجات المجتمع كلها – على توالى الزمان.

إنه خلط مضحك. فهذه الشريعة بما فيها من مرونة وشمول، استجابت لمطالب حياة البادية، كما استجابت فيما بعد لحياة الدولة الناشئة في عهد محمد، المتوسعة فى عهد عمر. ثم ظلت تستجيب لحياة الحضارة فيما بعد، ما بقيت فى الأمة الإسلامية حياة. ثم توقف نمو الفقه حينما توقفت حيوية الأمة الإسلامية ذاتها. فإذا دبت الحياة فى هذه الأمة والشريعة الإسلامية حاضرة، تلبى حاجاتها المتجددة، ومطالبها المتغيرة، بما فيها من سعة ومرونة وشمول.

وإنه لمن سوء الحظ أن تكون جمهرة المشتغلين بالتشريع فى مصر اليوم قد تلقت تعليمها كله فى ظل عقلية تشريعية أجنبية؛ وأنها لا تعرف عن الشريعة الإسلامية إلا اليسير الزهيد. فمن الصعب أن تتصور هذه الجمهرة، أن الشريعة الإسلامية قادرة على أن تمد المشرع الحديث، بكل حاجات الحياة الراهنة المتجددة.