صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/88

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ٨٤ –

إن هؤلاء جميعًا يخلطون كما قلت بين النشأة التاريخية للإسلام، وبين النظام الإسلامى ذاته كمجرد نظام.

إن النظام الإسلامى ليس معناه فقط صورة ذلك المجتمع الإسلامى فى نشأته؛ بل معناه كل صورة اجتماعية خاضعة لفكرة الإسلام الكلية عن الحياة.

والنظام الإسلامى يتسع لعشرات من الصور، تتفق مع النمو الطبيعى للمجتمع، ومع حاجات العصر المتجددة، ما دامت فكرة الإسلام الكلية تسيطر على هذه الصور فى محيطها الخارجى الفسيح.

صورة من هذه الصور. صورة تشمل كل حضارة البشرية النظيفة وكل تجاربها العلمية الواقعية، وتجاربها الفكرية والشعورية، اللائقة بعالم يصدر عن الله.. وهى التي تريد تحقيقها عندما نقول: إننا نريد استئناف حياة إسلامية؛ محكومة بالقوانين الإسلامية1.

إن الشظف والبداوة ليسا أصلا من أصول الإسلام كما يعتقد بعض السذج الفضلاء! إنما كان الشظف ظاهرة اقتصادية فى مرحلة خاصة؛ وكان حث الناس على الصبر عليها ضرورة من ضرورات الواقع، كيلا تتهافت نفوسهم، وتنهار قواهم، وتخذلهم طاقتهم على المقاومة والكفاح، والدعوة فى حاجة إلى المقاومة والكفاح. فأما بعد ذلك فكل فرد مطالب بأن يستمتع فى الحدود التى لا تصل إلى مستوى الترف، ولا تدع


  1. « نحو مجتمع إسلامى » بحث يتضمن صورة شاملة للمقومات الأصيلة لهذا المجتمع. أرجو أن ينشر قريباً بعون الله.