صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/87

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ٨٣ –

صور الخيام الساذجة فى الصحراء، وصور الأعراب الرجل على الإبل، أو العرب المقيمين فى الأكواخ؛ ويتصورون بسذاجة أن معنى الحكم الإسلامى هو العودة إلى تلك الحياة البسيطة الساذجة، الخاوية من كل أسباب الحضارة الإنسانية التى استحدثت فى خلال ألف وأربعمائة عام!

وإذن فلا عمارة ولا مدنية، ولا صناعة ولا تجارة، ولا علم ولا فن، حتى الشعر ذلك الفن العربى الأصيل، يخيل لهذا الفريق من الناس أن حكم الإسلام سيختم على أفواه قائليه ومنشديه، ما لم يحولوه إلى مواعظ دينية وألفيات نحوية!

وليس حكم الإسلام وحده هو الذى يثير هذه الصورة الماحلة فى خيالهم؛ بل إن بعضهم ليثير هذه الصورة فى حسه مجرد الربط بين الحكم وعنصر الأخلاق! ولست أنسى أن أحد «الدكاترة» فى التربية العائدين من أمريكا كان يتحدث معى عن المجتمع الأمريكي، فقلت: إن هذا المجتمع مزاياه؛ ولكن الذي أنكره عليه هو أنه ينفى العنصر الأخلاقى من حسابه جملة؛ ويعده عنصرًا دخيلاً على الحياة. فانتفض في حماسة وأستاذية يقول: «إذا كنا سنتحدث عن الأخلاق، إذن فلترجع إلى عيشة الخيام».

وبمثل هذه الروح سيتولى ذلك الدكتور العظيم إعداد جيل من المعلمين فى معهد التربية، يتولون بدورهم إعداد أجيال من أبنائنا الذين نسلمهم إليهم فى ثقة واطمئنان!