صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/81

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ٧٧ –

إن دستور الدولة الحاضر ينص على أن دين الدولة الرسمى هو الإسلام. وليس هذا من معنى إلا أن تستمد القوانين كلها من الشريعة الإسلامية؛ والشريعة الإسلامية قادرة على تلبية الحياة العصرية ، ونموها وتجددها مع الانتفاع بتجاربنا نحن وبتجارب الإنسانية كلها فيما يتفق مع فكرة الإسلام الكلية ومبادئه العليا عن الحياة.

لست أزعم أن الفقه الإسلامى الحاضر قادر اللحظة على الإحاطة بكل مطالب الحياة العصرية الجزئية، فقد وقف نمو هذا الفقه حقبة من الدهر طويلة. ولكن أصول الشريعة الإسلامية بما فيها من مرونة وشمول قادرة على أن تلبى حاجات الحياه - على النحو الذي أوضحته فى مشكلاتنا الكبرى - وتبقى صياغة المواد القانونية، المستمدة من الأصول العامة، حسب الحاجات المتجددة أبداً1.

ولقد يخطر لبعضهم أن يقول: وعلام هذا العناء؟ ومالنا لا ندع هذه الشريعة جملة، ونستعد تشريعاتنا من تلك التجارب الجاهزة التى انتهت إليها البشرية أخيراً؟

وهى قولة من استمرأ الاستعارة الجاهزة حتى فقد كل شعور بشخصيته وبقومتيه، وبتاريخه الحى الذي يعيش في كيانه. وقولة السطحي الذي لا يدرك كيف تتم الاستجابات بين الفرد والبيئة،


  1. قام الأستاذ عبد القادر عودة بجهد ضخم رائع فى هذا المجال في كتابه: «التشريع الجنائى الإسلامى» في مجلدين نشر أولهما والثاني فى الطريق.