صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/69

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ٦٥ –

بالعوامل الروحية فى الحياة! فلو لا حرارة العقيدة ما تلقى الألوف منا فى سيبريا وسجون القيصرية بمثل ذلك الحماس الذى مكن للحكم الشيوعى فى نهاية المطاف!

ولقد انتهت بنا الأوضاع الاجتماعية المريضة إلى فساد فى الذمم والضمائر، واستهتار بالعمل والواجب، لا يقتصر أثرهما على مجال دون مجال. وجريمة الاستثناءات فى دواوين الحكومة انتهت بالمحظوظين والمنسيين سواء إلى الاستهتار بالعمل، لأنه لا يؤدى إلى ثمرة، ولا يترتب عليه ثواب ولا عقاب، وجريمة الحرمان من عدالة الأجر والضمانات الاجتماعية فى دائرة العمل انتهت بالعمال إلى الاستهتار، لأن الفوضى أيسر من النظام، فى محيط لا عدالة فيه ولا وزن الجهد ولا جزاء. وجريمة انعدام تكافؤ الفرص أهدرت وبددت ثروات بشرية هائلة وحولتها إلى فتات وحطام. وجريمة تكتيل الثروة كلها فى أيد قليلة واحتكارها فى حيازة عدد محدود انتهت إلى تعطل الملايين، وتمضية أوقات فراغهم على المقاهى فى المدن، وبجوار الأجران فى القرى، وبذلك أصبحت هذه الملايين المتعطلة مستهلكة لا منتجة، لأنها لا تجد ما تعمل، والدولة لا تجد المال المشروعات الإنشائية، لأنها لا تحصل إلا على ميزانية هزيلة من ضرائب هزيلة، إشفاقًا على رؤوس الأموال أن تضار ثم أضيف إلى هذا البلاء كله خواء روح الشعب من العقيدة

(٥)