صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/44

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٤٠ -

أقذر من صفحة الإنجليز.. ففرنسا التي وقفت فى مؤتمر (مونتريه) حجر عثرة فى طريق إلغاء الامتيازات؛ ولولا أن الإنجليز – لمصلحة خاصة – كانوا يريدون قصقصة جناحها فى الشرق العربي شيئاً فشيئا لظلت حجر عثرة فى طريقنا حتى الآن. فأما فظائعها في تونس والجزائر ومراكش، فهي فضائح البربرية المتوحشة فى القرون الوسطى ما تزال.

وفرنسا أمة انتهت، وهى في دور الانحلال الأخير، على الرغم من كل دعاتها فى الشرق العربى، ولكنها ماضية فى وحشية البرابرة وتعصب الصليبيين، تقتل وتحرق، وتعذب وتشوه، وتسرق وتسلب، وترتكب فى المغرب العربي ما ارتكبه المغول والصليبيون من آثام.

ولقد كان عبيد فرنسا هنا فى الشرق يردون علينا دائماً حين نحدثهم عن «أمهم الحنون» بأنه لا يجوز الحكم على فرنسا بتصرفات السياسيين، فالسياسة لا قلب لها ولا ضمير. فها هى ذي كبيرة صحفيات فرنسا «مدام تابوی» تصفع العبيد هنا بتصريحاتها العجيبة. ففى زيارتها الأخيرة لمصر تلقت مندوب إحدى صحفنا غاضبة، لا لشىء إلا أن رئيس الحكومة المصرية رد على رسالة زعيم من زعماء المغرب، يؤيد فيها حق الحرية. حتى لقد قالت لذلك المندوب: كنت قد أعددت مقالا عن بلادكم ولكني لن أنشره. فماذا كسبتم من تدخلكم في شؤوننا بالشمال الإفريقي؟!