صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/42

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٣٨ -

فى تبجح، لا يقيم لهذا الشعب وزناً، لأنه يرتكن إلى المصلحة المشتركة بينه وبين عهود الإقطاع.

إن هذا العالم العربي الممزق فى براثن الاستعمار الغربى، ليستحق اللعنة والاحتقار، إذا مد يده الذليلة ليسند الغرب الفاجر فى بأسائه مرة أخرى. والشرق لا يمد يده، وإنما يمطى على ظهره للغرب ليضع أقدامه، ويعبر الهاوية، ثم يركل الحمار الذليل الذي امتطاه!

إن الغرب الرأسمالى والاشتراكى سواء، يناصبنا العداء كله كتلة واحدة. وفي فلسطين شاهد ذلك العداء الناصب قريب. وهو فى الوقت ذاته يسومنا الذل والخسف فى تبجح ظاهر؛ ولا يخفض من تبرة الاستعلاء الفاجر إلا فى إبان الهزيمة والانكسار.

ونحن لم ننس بعد استهانة جنود الحليفة في الحرب الأخيرة بأرواح المصريين، الذين كانت عرباتهم تدوسهم باستهانة كما تداس الكلاب، وتدوس كراماتهم وأعراضهم كما تداس الرقيق والعبيد. وما تزال هذه الحوادث تجرى فى الشقة العريضة التى يحتلونها على ضفة القنال1.

نحن لا ننسى نظرات الازدراء التى كانت تطل من عيون شذاذ الآفاق الذين حشدهم الحليفة فى أرضنا، وهم يتوجهون بها إلى الجماهير فى غدوهم ورواحهم، بل يتوجهون بها إلى ضباط البوليس وعساكره


  1. جاء هذا الكلام فى الطبعة الأولى قبل أحداث القتال الأخيرة. أما حوادث اليوم فهي معروضة معروفة لا تحتاج إلى كلام.