صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/40

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٣٦ -

إليه اليوم ولا نحترمه، إلا إذا تخلصت نفوسنا من مشاعر العبيد!

ولكننا ننعى هذا التسول الدائم الذى نزاوله، وهذا الاستجداء المزري الذى نحن عاكفون عليه، وهذه الاستعارة التي لا نردها، ولا نؤدى ما يقابلها. وما دمنا نستجدى دائماً ولا نعطى شيئاً، فنحن على مائدة الإنسانية في موضع الشحاذ المتسول، لا فى موضع الواهب الكريم.

وقد يتسول المعدم ويستجدي المسكين. فأما أن يكون لك رصيد ضخم ثم تلبس أسمال الشحاذة، وتمد يد الاستجداء باسم المشاركة فى الحضارة، فتلاك مشاركة لا يعرفها إلا الشحاذون وحدهم، ولا يطمئن إليها إلا العبيد!

هنا لك معنيان للحضارة. فأما الأول فهو أن يكون لنا نصيبنا المتميز البارز فى بناء هذه الحضارة، وزينا الذاتى المستمد في أصوله مما عندنا، المنتفع فى تفريعاته وتطبيقاته بكل ما أفادته الإنسانية من التجارب. وأما الثانى فهو أن تأخذ القوالب الجاهزة، والسمات الظاهرة، وأن ننقل نقلا كل ما نراه بلا روية ولا تفكير ولا تعقيب.

المعنى الأول يفهمه الآدميون، والمعنى الثاني تفهمه القرود، وأخشى ما أخشاه أن لا نكون قد فهمنا إلا هذا المعنى الأخير!

***

وبعد فإن الجهة الغربية المؤلفة من أمريكا وانجلترا