صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/39

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٣٥ -

ولنأخذ مثالا ذلك التشريع الذي استوردناه أولا من فرنسا؛ ثم ما نزال نستورده من شتى بقاع الأرض، كلما احتجنا أن نشرع لهذه الحياة.

إن هناك تصادما دائماً بين روح التشريع الذي نستمده وروح الشعب الذى نسن له هذا التشريع. إن الشعب يم بالبطولة كل خارج على القانون، ويبذل له التشجيع والعون والمساعدة، بقدر ما ينفر من السلطات القائمة على القانون، ويضن عليها بثقته، أو مساعدته على جمع الأدلة والقرائن والشهادات.

لماذا؟.. يقولون: إن الشعب جاهل! كلا. فليس هذا هو السبب الأصيل، فالمتعلمون كذلك لا يستجيبون لدعوة القانون. إن السبب الحقيقى كامن فى التنافر بين روح الشعب وروح التشريع المستعار؛ لأن هذا التشريع لم يستمد من ظروفه الاجتماعية، وملابساته التاريخية، ومشاعره وعقائده، وتقاليده وعاداته. إنما استمد من وسط أجنبى عن روحه جميعاً، وسط له تاريخه الخاص، وله ديانته الخاصة، وله حاجاته الاجتماعية وظروفه الخاصة. والقانون ما لم يكن تلبية لروح الشعوب وحاجاتها، فلن تخلص له ولن تنقاد!

نحن لا ندعو إلى عزلة فكرية أو اجتماعية عن ركب الإنسانية المندفع. فنحن شركاء فى القافلة، شركاء فى الحضارة البشرية. بل نحن أدينا لهذه الحضارة الكثير؛ وقنا فيها بدور إيجابى ضخم، قد لا نفطن