صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/36

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٣٢ -

مستضعفون في صف هؤلاء أو فى صف هؤلاء. ونحن إذن أذناب فى القافلة سلكنا هذا الطريق أو ذاك.

وأنا أفهم جيداً أن نهون عند الآخرين، فأما أن نهون على أنفسنا فذلك أمر فهمه علىّ عسير، لأنه لا يخالف طبيعة الرجل الكريم فحسب، بل يخالف طبيعة الإنسان!

إنني أعرف أن فى هذه البشرية من يستطعمون الذل والمهانة، ويستلذون الأذى فى الجسم والكرامة. ذلك أنهم مرضى يعرفهم علم النفس، ويضعهم فى قوائم المرضى تحت عنوان خاص.

ولكننى لا أعرف أن أمة كاملة يمكن أن تكون مصابة بهذا المرض النفسى المعروف؛ ولا أن جيلًا كاملًا يستلذ الأذى والمهانة بحال من الأحوال.

ترى أحالتنا الأوضاع الاجتماعية القائمة أمة من العبيد، لا للسادة فيها فحسب، ولكن لأية سيادة تلوح لها من جانب الأفق الغربي أو الشرقي على بعد أُلوف الأميال!

إنني أعيذ الأمة الإسلامية أن يكتب عليها كلها هذا الهوان. فلقد وقف واحد منها في وسط «الكونجرس» الأمريكى يفهم الأمريكان أن الغرور وحده هو الذي يصور لهم وللروس، أن ليس في العالم كله إلا كتلتان: كتلة الشيوعية وكتلة الديمقراطية.. إن هنالك كتلة أخرى ثالثة.. كتلة الإسلام.