صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/31

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ٢٧ –

وأخيراً فأنا أتهم الأوضاع الاجتماعية القائمة بأنها مناقضة فى جملتها وتفصيلها لروح الدين كله. الدين منذ أن عرفت البشرية أديانها السماوية، وهى أكثر مناقضة للإسلام بكل تأويل من تأويلاته. وكل ما يدعيه المحترفون من رجال الدين ليسندوا به هذه الأوضاع، إنما هو افتراء على الدين، لا يجد له سنداً من حقائقه ومبادئه: ﴿فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ ٱلْكِتَٰابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِندِ ٱللَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِۦ ثَمَناً قَلِيلًا

إن الإسلام ليصرخ في وجه الظلم الاجتماعى، والاسترقاق الإقطاعى وسوء الجزاء؛ وإنه ليمد المكافحين لهذه الأوضاع بقوة ضخمة للكفاح والصراع.

وما من وضع اجتماعى هو أبعد عن روح الإسلام من أوضاعها القائمة؛ وما من إثم أكبر من إثم الذين يدينون بالإسلام، ثم يقبلون مثل هذه الأوضاع، أو يبررونها باسم الإسلام، والإسلام من مثلها براء.

إن هذه الأوضاع غير قابلة للبقاء والاستمرار. ذلك أنها مخالفة لروح الحضارة الإنسانية بكل معنى من معانيها. مخالفة لروح الدين بكل تأويل من تأويلاته. مخالفة لروح العصر الحاضر بكل مقتضى من مقتضياته.. ومن ثم فهى لا تحمل عنصرًا واحدًا من عناصر البقاء، يملى لها في الأجل، ويمنحها فرصة البقاء.