صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/30

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ٢٦ –

ولا أن يكتب حرفاً واحداً عن أسرته.. ولهذا يفزع من الشيوعية!

أمّا هنا فعبُّود باشا يملك أن يحطم نقابات عماله التي ترتكب جريمة مطالبته بتنفيذ قانون من قوانين الدولة، يزيد لقيمات في نصيب العامل باسم إعانة الغلاء. والدولة واقفة تتفرَّج وتشجع سعادته وهو يسحق هذه النقابات سحقاً. والجمعية الزراعية تشرد موظفا خدمها سبعة عشر عاما، وخدمها أبوه قبله لأنه طالب بإعانة الغلاء!

اللسان أن يتطاول على ذاته الكريمة!.

أما حرية القول وحرية الفكر، فيسأل عنها القلم السياسى. وتسأل عنها المعتقلات والسجون، وتسأل عنها حوادث التعذيب في كل قضية سياسية في تاريخ مصر الحديث!

إن الشيوعية فى ذاتها فكرة صغيرة لا تستحق الاحترام عند من يفكرون تفكيراً إنسانياً أعلى من الطعام والشراب؛ وعند من يعرفون أفكاراً أخرى عرفتها الإنسانية قبل الشيوعية، وهى أعدل وأرقى. ولكن الأوضاع الاجتماعية القائمة تضفى على الشيوعية سحراً وجاذبية، وإذ كنا نعتقد أن الشيوعية فكرة تعسفية وضيقة، وفيها من سوء الظن بالبشرية، ومن الأحقاد المسمومة ما فيها.. فإننا نعتبر الأوضاع القائمة مجرمة، ترتكب في كل يوم جريمة تحبيب الشيوعية للجماهير المحرومة، وتزينها في نفوسهم، وتدفعهم إليها دفعاً، للخلاص من ذل الإقطاع ولذع الحرمان، وظلم الأوضاع المتناقضة لطبائع الأشياء.