صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/28

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ٢٤ –

وحين يقال لهم: إن الشيوعية تحرمكم حرية العمل، وحرية القول وحرية التفكير، فإنهم لا يحسون أنها تسلبهم شيئاً حقيقياً يملكونه.

إن الشيوعية لا تحوى سحراً ولا سراً. ولكن الجماهير معها على رأي المثل العامى الذي يقول: «ضربوا الأعور على عينه قال: خسرانة خسرانة!». أو المثل الآخر الذي يقول: «قالوا للقرد: ربنا حيسخطك. قال: حيعملنى غزال ؟!». فالعُور والقرود – أى الذين لا يملكون شيئاً يخسرونه، واليانسون من أن تكون هناك حال أسوأ من حالهم – هم الذين تسحرهم الشيوعية. لأن كل تغيير قد يفيدهم. وهو على أية حال لا يضيرهم شيئاً. أما الذين يملكون شيئاً. الذين يملكون حرية القول وحرية الفكر؛ ويملكون قبلهما حرية الرغيف؛ ولا تصطدمهم تلك الفوارق الاجتماعية السحيقة.. فهم أعداء الشيوعية الطبيعيون.

لهذا لم تجد الشيوعية لها إلى اليوم تربة صالحة في السويد أو النرويج أو الدانمارك، لا لأن أهل هذه البلاد يملكون أية فكرة عن الحياة أعلى مما يملك الشيوعيون، ولا لأن لهم أهدافا روحية أو عقيدة إنسانية. بل لأنهم يملكون أكثر مما تمنحه الشيوعية، ويفقدون بالشيوعية أشياء حقيقية يملكونها.

حين يقال للعامل في تلك البلاد: إن الشيوعية ستوفر لك كفايتك وضمانات حياتك. قد يسخر! فكفاياته كلها مضمونة، بل رفاهيته كذلك. وحين يقال له: إن الشيوعية ستضمن لك عملا دائماً، وتحميك