صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/26

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ۲۲ –

يعملون أعمالا شريفة، لا تدخل في قائمة السرقة والاختلاس، والغش والتدليس، والارتشاء واستغلال النفوذ، وتجارة الرقيق الأبيض، والخيانة الوطنية... إلى آخر ما يملك به الرجل أو المرأة فى مصر أن يصبح بين يوم وليلة من الوجهاء والأثرياء!

نحن لا ننكر التفاوت فى الاستعدادات الفردية والمقدرات الذاتية. ولكن أى تفاوت يمكن أن يبرر الفوارق بين ملايين عبود، وفرغلى، وأمين يحيى، والبدراوى... وأمثالهم. وبين الملاليم التي ينالها عمالهم وعبيدهم وفلاحوهم؟

وأى تفاوت يمكن أن يبرر الفوارق بين مرتب الوزير ووكيل الوزارة والمدير العام. ومرتبات الكتبة والسعاة والفراشين في الدواوين، وهى تبلغ خمسين ضعفاً في بعض الأحايين؟

إن أية مغالطة عن تفاوت المقدرات الفردية لتقف حسيرة خجلى أمام الواقع الصارخ، الذي يعجز المدافعون عن تبريره وتفسيره، عجزه هو ذاته عن الاستمرار والبقاء، يحكم مناقضته لطبائع الأشياء.

إن مجتمعاً هذه سماته ليشيع القلق في نفوس أفراده وجماعاته. القلق الناشئ من أن الجهد لا يلقى جزاءه؛ والجد لا يثاب عليه؛ والوسائل الملتوية تبلغ يصاحبها ما لا تبلغ الوسائل المستقيمة؛ والولادة في بيت وزير أو كبير تجدي ما لا يجدي الذكاء والموهبة والخلق والعمل جميعاً!