صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/25

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ۲۱ –

يسلمها إلى الميكروب والمرض، ثم يكلها إلى الجوع والشظف، حتى إذا غالبت ذلك كله، دفع بها إلى الحرمان والإهمال. وبين أخت لها وليدة على يدي طبيب، وفي حضن ممرضة، موكولة إلى العناية والرعاية، إلى المناغاة والتدليل، فإلى روضة الأطفال فالجامعة، فإلى كرسى الديوان أو مساقط الثراء في الشركات والدوائر والتفاتيش؟!

أي تكافؤ بين ذلك الذى أحسن اختيار أبويه وخاب فى الدراسة؛ وذلك الذي لم يوهب حسن الاختيار ولو كان من أوائل المتخرجين؟

أى تكافؤ في عالم الوظيفة أو فى العالم الذي يسمونه «حراً» وذلك المحظوظ المرموق يخطو والأسرة والجاه يفتحان له مغاليق الحياة. وهذا النكد التاعس تتلقاه الصدمات والعقبات فى كل شبر من طريقه البطيء الطويل؟!

وإذا كان تكافؤ الفرص خرافة، فالعدالة بين الجهد والجزاء أسطورة! وإلا فمن ذا الذي يقول: إن هذه الملايين الجائعة إنما تجوع لأنها ملايين من الكسالى، الذين لا يريدون العمل والتعب؟ يقال هذا عن فرد، أو عن عشرة، أو عن مئة، أو عن ألف، أو عن عشرة آلاف.. أما أن يقال عن الملايين، فدون هذا ويمج الحديث، وتسخن العبارة، وتعجز المرائر عن الاحتمال.

إن الذين يعملون في هذا البلد هم الذين يجوعون. أعنى الذين