صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/24

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ۲۰ –

الفرص خرافة، والعدالة بين الجهد والجزاء أسطورة. وبذلك تشيع القلق والاضطراب في نفوس الأفراد والجماعات.

إنه يكفى في مصر أن يحسن الطفل اختيار أبويه، كما تتاح له الفرص جميعاً، ويتخطى عقبات الطريق وثباً! فلئن فاته أن يحسن اختيار أبويه، فلا أقل من أن يختار له زوجة قد أحسنت اختيار أبويها، فولدت في بيت وزير أو كبير، كي تحمله على جناحيها ونطير! فإلا تكن قد أحسنت اختيار أبويها فلا أقل من أن تكون قد أحسنت اختيار تقاطيعها وملامحها. وهذه تعويذة تفك العقد، ويدخل بها على الحكام ويخرج. كما كانت كتب السحر تصف بعض التعاويذ في قديم الزمان وسالف العصر والأوان!

والدعابة التي أطلقها الشاعر الملهم «محمود أبو الوفا» فى: « أنفاس محترقة ».

أخي قـل لى ولا تخجل
بماذا قد ترقـيتا؟
ومـا أنـت بـذى جاه
وعمرك ما تـزوجتا!

لم تكن دعابة عابرة، إنما هى إيماضة الحقيقة في ضمير هذا الواقع الاجتماعى المريض، انطلقت على لسان شاعر صادق الحس موهوب.

إن تكافؤ الفرص في مثل هذه الأوضاع خرافة لا تقل عن خرافة المساواة أمام القانون! وإلا فأى تكافؤ بين الكتلة من اللحم يدفع بها رحم في الكوخ، فتلقاها الأرض، أو حجر أقذر من الأرض،