صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/21

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ۱٧ –

ليسلمها إلى السادة الممولين، الذين تحميهم الدولة بتشريعاتها وتعمل لحسابهم وحده لا لحساب الجماهير. إنه ذلك المخلوق الضعيف وأمامه إغراء المال الحرام. المال الذى يريد أن يتضاعف بالغش والسرقة والتهريب والاحتكار.

وقد لا يقف الفقر هكذا أمام الثراء. إنما يقف المال أمام المال. تقف المصلحة المشتركة بين الغنى الفاحش والغنى الفاحش. تقف المؤامرة على حقوق الجماهير ومصالح الجماهير. الجماهير الضعيفة التى لا تملك شيئاً تذود به عن نفسها في المعركة، حتى ولا قوة اليقظة والانتباه!

وهذه قضايا الذخيرة الفاسدة فى الجيش، وتهريب التموين إلى إسرائيل، والاختلاسات في الأموال العامة.. هذه هى تقشعر لقذارتها وبشاعتها النفوس. ولكنها في صميمها ليست منفصلة عن الأوضاع الاجتماعية القائمة؛ فهى ثمرتها الطبيعية التى لا تثمر سواها؛ وما يمكن أن تختل موازين العدالة الاجتماعية هذا الاختلال، ثم تبقى للمجتمع قواه الخلقية ومبادئه ومثله. إنما هى الحمأة الآسنة يصب فيها الوحل والقذى، وتنمو على حوافها الحشرات، وتنسل في جوفها الديدان؛ ثم تتسع وتتسع حتى تحيل المجتمع كله بركة من الوحل المنتن العفن، تغوص فيها الضمائر والأخلاق، وتغرق فيها القوميات والأوطان.

وهنا ينبعث السادة الأجلاء من هيئة كبار العلماء، من سباتهم الطويل العميق، ينعون الأخلاق الضائعة والفواحش الشائعة،

(۲)