صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/20

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ١٦ –

وطلاب متاع كذلك، لا يجدون إليهما سبيلا من وجه شريف ... فالشرف آخر حرفة في مصر تدر على أصحابها الكفاف!

عندئذ ينقسم المحرومون والمحرومات فريقين: فريق السماسرة وفريق الضحايا. فريق القوادين وفريق الرقيق – ولا عبرة بالفريق الثالث: فريق الشرفاء الذي يأبى أن يخضع للإغراء العنيف. إنه فريق الذين لا يريدون الحياة ولا يريدون المتاع! أو فريق الأبطال والقديسين. وما كل الناس ولا كثرتهم أبطال ولا قديسون!

ولابد من حاشية وأذيال، لأولئك الفتيان المرد، وأولئك الشيوخ المترهلين. لا بد من حاشية تملق كبرياءهم، وتؤمن على سخافاتهم وحماقاتهم. وهم واجدون هذه الحاشية في ذلك الحطام الآدمى التافه، الذين أحالته الأوضاع الاجتماعية الفاسدة ديداناً طفيلية وإمّعات!

وهكذا تتكون حلقة مفرغة، من الشباب الفارغ والشيخوخة الآسنة، ومن الرق الأبيض والنخاسة القذرة، ومن الملق الحقير وفناء الشخصية والانحلال.

وندع هذه الحلقة الآسنة، لتقع العين على حلقة أخرى نشيطة متحركة عاملة، ولكن الشيطان وفى حقل الشيطان. حقل الرشوة والارتشاء. حقل السرقة والاختلاس وفساد الضمير.

إنه العوز فى جانب والإغراء فى جانب. إنه الموظف ذو العيال الذى يلهب الغلاء ظهره بسياطه الكاوية؛ ويمتص عصارة قلبه ودمه،