صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/19

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ١٥ –

إنى أتهم.. أتهم الأوضاع الاجتماعية القائمة بأنها تفسد الخلق والضمير، وتشيع الفساد في المجتمع والدولة، وتؤدي إلى الانحلال الفردي والقومى.

إن تضخم الثراء في جانب، وبروز الحرمان في جانب، من شأنه أن يخلق طبقة الأثرياء الفارغين المتبطلين، الذين يجدون لديهم وفرة من المال، ووفرة من الوقت، ووفرة من الطاقة الجسدية التي لا بد لها من متصرف.

والطاقة التى لا تصرف في العمل، والتى لا تشغلها فكرة أعلى من الذات، لا بد أن تجد لها طريقاً آخر: طريق المتاع الجسدي الغليظ، والرفاهية المترفة الناعمة، والموائد الخضر والسباق، والسكر والعربدة والاستهتار...

وماذا يصنع أولئك الفتيان المرد، وأولئك الشيوخ المترهلون، الذين تجى إليهم ثمرات الكد والعرق والدماء، من جهود الألوف الجياع الحفاة العراة.. ماذا يصنع أولئك وهؤلاء بتلك الألوف والملايين التي تصل إليهم وهم قاعدون؟ ماذا يصنعون ولم يطهر العمل قلوبهم وأيديهم، ولم يشغل العمل أفكارهم ومشاعرهم؟ ماذا يصنعون إلا أن يفكروا في لذائذ الحس، وشهوات الجسد، والترف الناعم الرخيص؟

وهم يملكون قوة الإغراء.. المال.. وعلى الضفة الأخرى أولئك المحرومون التاعسون، ضعفاء أمام ذلك الإغراء، طلاب حياة