صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/16

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ۱٢ –

ومن ثم نتخلف والدنيا تركض ، ونضعف وخصومنا على الأبواب تتزايد قدرتهم على الاعتداء؛ وتهبط كرامتنا الدولية يوماً بعد يوم، ونحن نتحلق ونتصايح: يحيا ويسقط، حول الصراع الحزبى التافه في حلبة الأقزام!

***

إلى أتهم.. أتهم الأوضاع الاجتماعية القائمة بأنها تهدر الكرامة الإنسانية، وتقضي على كل حقوق الإنسان.

من ذا الذى يجرؤ على القول بأن هؤلاء الملايين من الفلاحين الجياع العراة الحفاة، الذين تأكل الديدان أحشاءهم، وينهش الذباب مآقيهم، وتمتص الحشرات دماءهم.. ناس. يتمتعون بكرامة الإنسان وحقوق الإنسان؟

من ذا الذى يجرؤ على القول بأن هؤلاء الصبية الذين يجمعون من القرى والكفور للعمل في «التراحيل» لتنقية المزارع في الدوائر والتفاتيش من الآفات، وجسومهم تنغل بالآفات، وينقلون عشرات الأميال ومئاتها بعيداً عن أهلهم - حيث يعودون أو لا يعودون - لا متطوعين ولا مختارين، ولكن قسرا وغصباً، في مقابل القروش والمللاليم التى يؤكل نصفها قبل أن تصل إلى أيديهم الهزيلة النحيلة.

من ذا الذى يقول بأن هؤلاء قام لهم كرامة الإنسان وحقوق الإنسان؟!