صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/15

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ۱۱ –

تمثلهم الدولة، لا تقتضي استقلال هذه القوى ولا استنقاذها من التبطل والضياع. فهى تدعها للجهل والمرض والفقر تأكلها أكلا، ثم تدعها للتبطل يحيلها مخلوقات تافهة: إما مشردة في الطرقات؛ وإما جالسة على المقاهى والحانات؛ وإما عاملة كمتعطلة لا تنتج إلا التافه اليسير ما تملك أن تنتج؛ لأن النظام الذي تعمل في ظله نظام فاسد؛ ولأن الأجور التي تتناولها لا تحفز إلى الإخلاص؛ ولأن المستقبل الذى ينتظرها ظلام في ظلام . والدولة لا تحاول أن تعمل شيئاً جدياً لاستنقاذ هذه الثروات المبددة الضائعة في سفه وإسراف.

ذلك أن استنقاذ هذه الثروة القومية من القوى البشرية يكلف رؤوس الأموال بعض التكاليف. ودون هذا وتقف الدولة متحرجة واجمة خاشعة!

وهكذا يدور دولاب العمل في الدولة وفى الشعب، لا ليسد حاجة سكانها جميعاً، بل ليسد حاجة حفنة قليلة هى القادرة وحدها على الإنتاج وعلى الاستهلاك. ولا تعمل الدولة ولا الأمة لرعاية المصالح الضخمة للعشرين مليوناً من السكان، بل لرعاية المصالح المحدودة لفئة منها معدودة.

ثم يتزايد السكان وتتناقص الغلة؛ لا لعجز في طبيعة الأمة عن العمل، ولا النقص في كفاياتها واستعداداتها الفطرية؛ ولكن تبعاً لهذا الاختلال في توزيع الثروة القومية، وفي توزيع المغانم والمغارم؛