صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/158

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
– ۱٥٤ –

فإذا عرفنا هذه الحقيقة أدركنا أن الصحافة ليست في وضع يمكنها من الوقوف في صف الجماهير. إنما هي تعطي الجماهير بقدر القروش والملاليم التي تدفعها ثمنًا للنسخ الموزعة، وتعطي الممولين الحقيقيين: سواء كانوا أصحاب المؤسسات الرأسمالية، أو الجهات الحكومية، أو أقلام المخابرات الدولية بقدر جنيهاتها ودولاراتها؛ وتقسم جهودها بين الفريقين قسمة بارعة تناسب غفلة الجماهير وسذاجتها، وذكاء الجهة الأخرى وخبرتها!

فأما صحافة الرأي التي تعمل للجماهير الكادحة وحدها؛ فهي مطاردة من الدولة، ومن الرأسمالية المحلية والعالمية، ومن قوى الاستعمار جميعًا ... ثم هي مطاردة من الجماهير الساذجة ذاتها؛ لأن مواردها لا تسمح لها بالمظاهر الصحفية الخلابة، ولأن ضمائرها لا تسمح لها بصور الأخاذ والنهود، وبتلهية الجماهير وتخديرها بالدردشة المسلية اللذيذة! وعندئذ تعرض عنها الجماهير نفسها، ولا تقف بجانبها بقروشها وملاليها؛ على حين تستند الصحافة الأخرى إلى الجنيهات والدولارات المتدفقة من الجهة الأخرى!

إن صور الأخاذ والنهود هي التسلية التي تقدمها صحافية الرأسماليين للجماهير المحرومة؛ كي تلهيها عن استمتاع الرأسماليين الفاجر بتلك الأخاذ والنهود الحقيقية لا بصورها !.. والدردشة الفارغة التي تملأ صفحات وصفحات، هي المخدر الذي تسرق به هذه الصحف جهد القارئ