صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/14

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ١٠ –

الضريبة العادلة، ما يصلح به الأراضى البور، في فترة معقولة من الزمان.

وإن هذه الأرض لتحوى كنوزاً من الخامات والقوى المعطلة التي لا تستغل. لماذا؟ لأن الدولة فقيرة وعاجزة وغير جادة ومشغولة.. فقيرة لا تجد المال، لأن ميزانيتها تعتمد على دخول الجمارك التى يؤديها الفقراء قبل الأغنياء؛ ولا تعتمد على غرائب الدخل المباشرة التى يؤديها الأغنياء قبل الفقراء! وعاجزة لأن أداتها الإدارية فاسدة. أفسدتها الاستثناءات والمحسوبيات، وسوء النظام، وبلادة «الروتين»؛ ما أفسدتها الرّشوة، وفساد الذمة، وتعفن الضمير. وغير جادة، لأنها لا تحس حافزاً يدفعها إلى زيادة الثروة القومية العامة، ما دام الأثرياء الذين تمثلهم يحسون التخمة، ويعجزون عن تصريف ما في أيديهم من ثروات. ومشغولة. مشغولة بذلك الصراع الحزبى في حلبة الأقزام، التي أقامها الاستعمار منذ ربع قرن باسم الدستور! ووقف يتفرج ويتسلى، كما كان الأشراف في القرون الوسطى يتسلون بصراع العبيد والأقزام. ثم هي مشغولة بحماية تلك الأوضاع الاجتماعية الشاذة المناقضة لطبيعة الأشياء، والتي تحتاج إلى جهد ضخم من الأداة الحكومية العاجزة الفاسدة الشّلاء.

وإن في هذه الأرض من الثروات البشرية والقوى الإنسانية ما لا يقل عما فيها من الخامات والقوى. ولكن أحداً لا يستغلها ولا يلتفت إليها. لماذا؟ لأن المصلحة العاجلة للسادة الرأسماليين الذين