صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/132

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
– ۱٢٨ –

على تكوين الأجيال؛ حتى إذا تركوها اليوم للإنجليز السمر تركوها مطمئنين، فما تزال النظم والبرامج والكتب وطرائق التدريس كلها تعمل للاستعمار الروحي والفكري في نفوس الأجيال. وكلها إيحاءات بنيذ العنصر الديني! وبإقصاء الإسلام لا عن الحكم وحده بل عن الحياة جميعاً.

لقد ربى الاحتلال أجيالا متعاقبة، ما تزال تتكاثر بحكم العقلية المشرفة على وزارة المعارف، تنظر إلى الإسلام على أنه بقية من بقايا التأخر والانحطاط؛ وتعد التجرد منه تجردًا من تهمة الجمود والجهل، ودليلا على «الثقافة!» والتحرر.

وبرامج التاريخ في المدرسة المصرية وكتبه على وجه خاص من أمكر ما يستطيع الاستعمار أن يصنع، ومن أفتك ما يقتل الروح القومية والروح الدينية سواء، فالطالب الثانوي - بل الجامعي - يخرج من دراسة التاريخ - بما في ذلك التاريخ الإسلامي - لا يعرف شيئًا عن فكرة الإسلام الاجتماعية، ونظرته الإنسانية، وكل ما يدرسه غزوات وحروب، ووقائع وأحداث. ينتهي منها إلى أن الإسلام كان معركة حربية، ولم يكن يومًا ما معركة فكرية ولا اجتماعية ولا إنسانية!

وساعد الاستعمار على تشويه الفكرة الإسلامية كلها عامل آخر. عامل لم يكن الاستعمار ليجد أفتك منه ولا أفعل في تشويه الإسلام.