صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/11

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ٧ –

الأقلام.. إنما تعالج بحقائق واقعية تقابلها وغيرها. والمَعِدات الجائعة لا تفهم المنطق – حتى ولو كان منطقاً صحيحاً لا احتيال فيه ولا التواء – وعلينا أن ندرك هذا قبل فوات الأوان. ولقد أوشك والله أن يفوت الأوان!

فليقل من شاء كيف شاء: من الطغاة المستغلين، ومن رجال الدين المحترفين، ومن الكُتَّاب المرتزقين، والصحفيين المأجورين: إن الدعاة إلى إصلاح هذا الواقع الاجتماعي السيء، شيوعيون، أو خارجون عن القانون، أو خطرون على الأمن والنظام، أو دُعاة هدم وفوضى؛ وليحاربوهم بكل الوسائل الجهنمية، التي يملكها الطغاة في كل زمان ومكان، ليزجُّوا بهم في المعتقلات والسجون، وليعطلوا لهم الصحف والأقلام، وليحاربوهم في أرزاقهم وأقواتهم، وليسدلوا الستار على حياتهم وذكراهم.

إن صوتاً سيرتفع بعد ذلك كله، ولن يمكن إسكاته أبدًا: صوت المِعدات الخاوية، التي تملأ جنبات هذا الوادى. صوت الملايين التى تبذل العرق والدماء، ولا تنال مقابلها لقمة الخبز جافة، ولا خرقة الكساء متواضعة. صوت الجموع التي لم تقرأ في حياتها كلمة واحدة عن الشيوعية أو غير الشيوعية؛ ولكنها جموع من الأحياء، تطالبهم معداتهم بلقمة الخبز، وتطالبهم جلودهم بخرقة الكساء.

سيبقى صوت واحد لا يخفت – ولو خفتت جميع الأصوات – صوت الواقع الذي ينطق بلسان الملايين من تلك القطع الآدمية المحطمة