صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/12

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ٨ –

الزرية، التي مسحتها تلك الأوضاع الاجتماعية الظالمة، فحرمتها حتى حاسة الإحساس بالظلم، وحتى شعور الإنسان بالحرمان.

نعم! وصوت مئات الألوف من الحطام الآدمى المتناثر في الطرقات، اللاصق بالجدران، الباحث عن الفتات في صناديق القمامة مع القطط الضالة والكلاب. ذلك الحطام المشوَّه الخِلْقَةِ، المقرح الجِلد، المسمول الأعين، الشارد المتلصص، أو الذليل المتسوّل.. هنا وهناك في كل مكان.

ذلك بينما الترف الفاجر الداعر يعربد في المواخير والقصور؛ والذهب المتجمد من دماء الملايين، يبعثر على الموائد الخضر وفى حجور الغوانى؛ والأرباح الفاحشة تعجز أربابها العد والإحصاء بَلْه الإنفاق والاستهلاك!

من ذا الذي يستطيع أن يقول: إن وضعاً اجتماعياً تلك ثماره المتعفنة الخبيثة يمكن أن يدوم، مهما أقيمت له الأسناد المنتحلة من فتاوى لمحترفين، أو مقالات المرتزقة المأجورين، أو عسف الطغاة والمستغلين؟

إنه عبث. عبث ضائع. عبث ضد طبائع الأشياء.