صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/10

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ٦ –

في المجتمع والدولة، وينشر القلق، ويذهب بالاطمئنان؟

إن الذين يتشبثون اليوم بهذا الوضع الشاذ، ويحاولون أن يقيموا له الأسناد؛ سواء كانوا من المستغلين، الذين يعز عليهم أن يساهموا في التكاليف والأعباء الضرورية لإقامة المجتمع الصالح وصيانته؛ أو من الطغاة الذين يصعب على نفوسهم أن تجرى العدالة مجراها، فتحرمهم أسباب السلطان الزائف الذي لا يقوم على أساس؛ أو من المستمتعين الذين مردوا على المتاع الفاجر، فهم لا يطيقون القصد فيه والاعتدال؛ أو من رجال الدين المحترفين، الذين باعوا أنفسهم لا لله ولا للوطن، ولكن الشيطان، ولمن ينتقدهم فيها ثمناً بخساً دراهم معدودات ... إن هؤلاء جميعاً إنما يحاولون مالا قِبَلَ لهمَ به، لأنهم يحاولون ضد طبائع الأشياء! إنهم إنما يُلْقُونَ بأيديهم إلى التهلكة لأنهم يضيعون كل فرص السلامة السانحة المتاحة. ويا ليتهم يذهبون وحدهم حين يذهبون؛ ولكنهم سيذهبون هذه الأوطان المنكوبة، ما لم تأخذ هذه الأوطان على أيديهم وفي الوقت متسع، قبل أن يحق عليها النذير الصادق الحاسم: ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيرا.

إن الحقائق الواقعة لا تعالج، كما نعالجها نحن اليوم، بالخُطَب الوعظية، أو الفتاوى المحتالة؛ كذلك لا تعالج بتكميم الأفواه، وتحطيم