صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/109

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ١٠٥ –

أو يحرم حلالا منصوصاً عليه نصاً صريحاً، فهو رأي يحتمل الصواب والخطأ، ويجادل صاحبه بالحسنى، ويحميه الإسلام أن يصيبه الأذى؛ إلا أن يكون كفراً صراحا بواحاً، لا يحتمل الشك ولا التأويل.

فأما الحدود الإسلامية فتلك شيء آخر. شيء يدخل في دائرة الجرائم الاجتماعية التي تصان بها حرمة المجتمع وكرامته ومصلحته. فإذا خطر لأحد أن يرميها بالقسوة، وأن يتحدث عنها باسم المدنية والهمجية فذلك شأن آخر. لنا فيه حديث.

إن هذه الحدود كقطع يد السارق، ورجم الزاني المحصن أو جلده، وجلد غير المحصن، وجار السكير.. قد تبدو قاسية عند النظرة الأولى وعند من لم يدرس فكرة هذا الدين الكلية وقوا على العامة جملة.

إن الإسلام لا يقيم هذه الحدود على مرتكبي تلك الجرائم إلا بعد أن لا يكون لهم عذر ما في ارتكابها، ولا شبهة في وقوعها.

إنه يقطع يد السارق، الذي لم يسرق اضطراراً ليطعم نفسه أو يطعم أهله؛ فإذا كانت هنالك مبررات اجتماعية أو فردية تضطر إلى هذه الفعلية فلا عقوبة؛ بل ربما عاد بالعقوبة على من دفع المجرم إلى ارتكاب جريمته! وهكذا فعل عمر مع غلمان سرقوا ناقة. فلما علم أنهم سرقوا لأن سيدهم لا يعطيهم الكفاية من الطعام، أطلقهم وغرم السيد ثمن هذه الناقة ضعفين. ولما كان الجوع في عام الرمادة عطل حد السرقة.