صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/108

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ۱۰٤ –

بقي الخوف من ضيق آفاق القائمين على الحكم الإسلامي وجمود تفكيرهم. وما أحسب هذه الصورة قامت في أذهان هؤلاء. الرقاق، إلا من اقتران حكم الإسلام بعائم الشيوخ ومسابح الدراويش!

فإذا تبين أن هؤلاء أن يكونوا أستاد حكم الإسلام في مصر، بل طرداءه، ما لم يغيروا ما بأنفسهم، ويعملوا عملا منتجاً غير مجرد الصلوات والأذكار والتراتيل. إذا تبين هذا فيجب أن تخفي هذه الصورة النكدة لحكم الإسلام، ما لم تكن التهمة موجهة لمبادئ الإسلام في ذاتها لا المشايخ والدراويش. فهل إنه لكذلك ذلك الدين العظيم؟

إن أحداً لم يجرؤ إلى اليوم أن يتهم هذا الدين ذاته بضيق الأفق والجمود، وهو يعرف عنه شيئاً يسمح له بالحديث في الموضوع. فأما الذين يخوضون في لا يعرفون، فهم لا يستحقون الاحترام، لأنهم لا يحترمون أبسط قواعد الجدل والحديث.

إن هذا الدين لا يدخل نفسه أبداً في الشؤون العلمية البحتة، ولا العلوم التطبيقية المحضة، باعتبارها من أمور الدنيا. «أنتم أعرف بشؤون دنياكم» قاعدة أساسية فيه. وعندئذ يخرج نفسه نهائياً من الميدان الذي حشرت الكنيسة نفسها فيه في القرون الوسطى، فحرقت العلماء وسجنتهم لأنهم يتحدثون في العلم، وهي تحشر نفسها فيه !

فأما شؤون الاجتماع وشؤون العبادات، وسائر ما يتعلق بروح الإنسان وفكره، فكل ما لم يحلل حرامًا منصوصًا عليه نصاً صريحاً ،