صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/107

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ۱۰۳ –

يقولون إن طبيعة الإسلام تدعو إلى الاستبداد من الحاكم، أو تدعو المحكومين إلى الرضى والخنوع!

ولكن الإسلام هو هو الدين الذى قرر للمجتمع نظاما لا سيد فيه ولا مسود، ولا أشراف فيه ولا عبيد نظاما يجعل أبا بكر وعمر - أكبر صاحبين لرسول الإسلام - تحت إمرة مولى من الموالى وقيادته، فلا يري أحد في هذا شيئا ولا يريان. نظاما يدع ابن الرجل من عامة الشعب فى مصر يضرب «ابن الأكرمين»، ابن حاكم مصر عمرو بن العاص، بأمر الخليفة وأمام الجموع، نظاما ينذر من يقبلون الاستضعاف والذل بالعذاب الأليم: ﴿الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيمَ كنتمْ؟ قالوا كنا مستضَعفين في الأَرض قالوا ألم تكن أرض اللَهِ واسعة فتهاجروا فيها، فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا ويحرضهم على القتال لحقهم: «ومن قتل دون مظلمته فهو شهيد» وينذرهم لو سكتوا عن الحاكم الظالم فلم يغيروا عليه: «من رأى سلطان جائراً مستحلا لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغير عليه بفعل ولا قول، كان على الله أن يدخله مدخله»

أفهذا النظام الذي يشفق المشفقون أن يؤدى إلى استبداد الحكام واستلام المحكومين؟ أم هو التمحل والتضليل؟