صفحة:مصطلح التاريخ (الطبعة الثالثة).pdf/94

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

كان يكفي القاضي في بطلان ما ادعى أنه شرط البخاري أول حديث مذكور فيه. وادعى ابن حبان نقيض دعواه فقال إن رواية اثنين عن اثنين إلى أن ينتهي لا توجد أصلاً. قلت إن أراد به أن رواية اثنين فقط عن اثنين فقط لا توجد أصلاً فيمكن أن نسلم. وأما صورة العزيز التي حررناها فموجودة بأن لا يرويه أقل من اثنين عن أقل من اثنين»1

وقال الشيخ محي الدين عبد الحميد، المدرس في كلية اللغة العربية في الجامع الأزهر، في شرحه على ألفية السيوطي، ما نصه: «وقد قال باشتراط رواية رجلين عن رجلين إبراهيم بن إسماعيل بن علية وهو من الفقهاء المحدثين وكان يميل إلى الاعتزال وكان الشافعي يحذر منه ويرد عليه وذهب أبو علي الجبائي من المعتزلة إلى أن شرط الصحة رواية عدلين عن مثلهما أو رواية عدل واحد بشرط أن يعضده موافقة ظاهر كتاب أو ظاهر خبر آخر. ونقل الأستاذ أبو منصور البغدادي أن بعضهم اشترط في قبول الخبر أن يرويه ثلاثة عن ثلاثة إلى منتهاه». وبعضهم اشترط أربعة عن أربعة وبعضهم اشترط خمسة عن خمسة. وبعضهم اشترط سبعة عن سبعة. وكل هذه الأقوال غير قول جمهرة العلماء. وقد نسب الناظم القائلين بها إلى الغلط، وذلك في قوله:

وليس شرطاً عدد ومن شرط
رواية اثنين فصاعداً غلط2

ومما جاء في أصول الفقه للإمام أبي حامد الغزالي3 ما يلي:

«اعلم أن التكليف والإسلام والعدالة والضبط يشترط فيه الرواية والشهادة. فهذه الأربعة. أما الحرية والذكورة والبصر والقرابة والعدد والعداوة فهذه الستة تؤثر في الشهادة دون الرواية. لأن الرواية حكمها عام لا يختص بشخص حتى تؤثر فيه الصداقة والقرابة والعداوة» كما هي الحال في الشهادة.

وإذاً فالأمر قديم العهد بيننا. وقد قال به علماء الحديث في المتواتر والعزيز وبعضهم قالوا في الصحيح. ونوه به علماء الفقه في الشهادة. فحري بالمؤرخ العربي أن يعتنقه وينادي به فيبتعد عن كل رواية تاريخية انفرد بها راوٍ واحد4. فإذا قضت الظروف بتدوينها فعليه

  1. شرح الإمام العلامة شهاب الملة والدين أبي الفضل أحمد بن علي الشهير بابن حجر العسقلاني على متن نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر له (طبع مصر) ص ٥-٦
  2. الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد: ألفية السيوطي في مصطلح الحديث (طبع مصر)، ص ١١-١٢
  3. المستصفى في أصول الفقه ج١ ص ٧٣
  4. هذا ولا يخفى أن التاريخ شيء والحديث شيء آخر وأن ما دفع المحدثين إلى قبول رواية الفرد في الحديث الصحيح إنما هو تدقيقهم في أحوال الرواة وعنايتهم في الجرح والتعديل وليذكر القارئ الفطن في الوقت نفسه أن القواعد الواردة أعلاه هي للروايات التاريخية لا لرواية الحديث فقط
- ٨٤ -