الخبر اليهم ويمتحنونه بالاستنطاق، فهو مخبر حي ماثل أَمامهم. أما مخبر المؤرخ فانه ميت خلا مكانه وطويت صحيفته.
ومما يجدر ذكره من هذا القبيل، انه في أواخر عام ١٩٢٦ فاجأنا صديق لنا، بمخطوطة صغيرة، تحفظ أَخبار الدولة المصرية العلوية في سورية، في زمن ابراهيم باشا. وبعد أن تصفحناها قليلا وجدنا انها مغفلة، لا تحمل اسم مؤلفها، ولا تشير الى الزمان الذي كتبت فيه، ولا الى المكان الذي دونت فيه أَخبارها.
فدفعنا حب الاستطلاع الى فحصها والتنقيب عن سرها للتعرف الى مؤلفها، وتعيين محل اقامته، والزمان الذي دون فيه أخباره.
وبعد أن قلبنا الطرف فيها، ونظرنا في اعطافها ومطاويها، ألفيناها تضم بين دفتيها، لا أقل من ثلاثة مؤلفات مختلفة، تحتوي جميعها نتفاً من أخبار ابراهيم باشا في الاقطار الشامية وبر الأَناضول. فالصفحات الثلاث الاولى، تختلف عن الخمس التي تليها. والصفحات الخمس هذه تختلف بدورها عما قبلها وبعدها.
وتسهيلا للبحث، وايراد بعض البراهين نسمي الصفحات الثلاث الأولى « ألفاً» والخمس التي تليها « باءً» والباقي « جيماً». فلو درسنا ما دُوّن فيما سميناه « ألفاً» وجدناه يبتدئ من حصار عكا سنة ١٨٣١ وينتهي بموقعة قونية سنة ١٨٣٢. ولو انتقلنا الى «باء» وجدنا ان مؤلفها لا يبتدئ بذكر الحوادث التي وقعت بعد معركة قونية وينتهي
بآخر أخبار الدولة المصرية في سورية، كما هو منتظر منه فيما لو كان هو