صفحة:مصطلح التاريخ (الطبعة الثالثة).pdf/35

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
الفصل الثاني
التعرف إلى المؤرخ المجهول وتعيين الزمان والمكان

وهب أننا تثبتنا من صحة الأَصل وخلوه من كل دسٍ أو تزوير، فهل ننقاد الى نصه وننزل على حكمه؟ أم نمتنع عن ذلك، ونعرض عن الطاعة، الى أن نتثبت من هوية المؤرخ ونتعرف الى شخصيته ونسبر غوره، وندرس المكان الذي عاش فيه، والزمان الذي دوَّن فيه أخباره؟ أوَليس من فرق، في قبول الشهادة وردها، بين رواية رئيس حكومة، عن أعماله في أثناء قيامه بأعباء الوظيفة، ورواية لحَّام عن الأعمال نفسها؟ أو بين رواية دُوِّنت في أثناء وقوع الحوادث المروية، وغيرها دونت بعد وقوع الحوادث بربع قرن من الزمن؟ بلى! فمن المحتم أن نتعرف الى شخصية المؤلف، ونتثبت من أمياله ونزعاته ودرجة علمه وذكائه، واتصاله بالحوادث التي يروي أخبارها، ولا بد من الوقوف على الزمن الذي كتبت فيه هذه الأخبار، والمكان الذي سطرت فيه.

وإذا تأملنا هذا الأمر ملياً نرى أن الاصول هي في غالب الأحيان صلتنا الوحيدة بحوادث الماضي فان اخبرتنا الخبر على حقه توصلنا الى الحقيقة التي ننشدها وان أرجفت فخاضت في الاخبار المخطئة أو الكاذبة أوقعتنا في مهاوي الضلال والتضليل. ولذا فاننا نرى لزاماً في أعناقنا أن نتعرف الى شخصية المؤرخين الذين نصوا هذه الاصول كي نمزق ظلمات الاشكال ونكشف معالم الهدى. ومهمتنا من هذا القبيل هي أَصعب

بدرجات من مهمة القضاة والمحامين إِذ أن هؤلاء يتحدثون الى من ينقل

- ٢٥ -