صفحة:مصطلح التاريخ (الطبعة الثالثة).pdf/34

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.

أن يصدق هذا الظن، لا سيما ونحن نعلم ان ابن عبد ربه، قد أخذ أكثر أخباره، عن كتب مدونة، لمؤلفين سبقوه، أكثرهم لم يدون أخبار من عقبوا المأمون. زد على ذلك، ان ابن عبد ربه، لم يذكر من توقيعات الأمراء المختلفين لأحد بعد طاهر ابن الحسين، أحد قواد المأمون.

وهناك أمر آخر، دفع الاستاذ جبور الى الظن في أنه قد طرأ على العقد بعض التغيير أو التحريف أو الزيادة، هو أن ترتيب كتب العقد، في معجم الأدباء لياقوت، يختلف عما هو عليه في العقد نفسه وفي مقدمته.

على المؤرخ إذا، بعد جمع الاصول وبعد الانتهاء من درس العلوم الموصلة، أن يتأكد من اصالة الاصول، ويتثبت من خلوها من كل دس أو تزوير. ويتضح مما تقدم ذكره أعلاه أنه بامكان المؤرخ أن يستعين بطائفتين من الأدلة. فهنالك أدلة باطنية، يتوصل اليها بعد درس نص الاصل نفسه، وأدلة ظاهرية، يقف عليها بعد درس الأصول الأخرى، أو بعد التمكن من بعض العلوم الموصلة. هذا ولا نرى بداً في هذا الصدد، من الاشارة الى وجوب التريث، والترزن والتثبت. فلا فائدة ترجى من التهالك في الامر والاسراع في العمل. ولا يخفى أن التثبت من صحة الاصول واصالتها أَمر صعب الممارسة، عزيز المنال.

وحذار حذار من الاستسلام الى الاصول بالثقة العمياء والاسترسال اليها، إذ لا يجوز للمؤرخ أن يكون نقوعاً يثق بكل أحد أو يقناً يصدق

كل ما يقرأ.

٢٤