صفحة:مذكراتي عن الثورة العربية الكبرى.pdf/42

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

عدم نجاح ألمانيا بتوجيه الضربةالقاصمة الحاسمة إلى فرنسا واحتلال باريس أسرع ما يكون . تلك حقيقةوضع الجيش الألماني . فكان على تركيا ألا تخفي عليها هذه الحقيقة بعد الدراسة الواسعة العميقة. وكان عليها كدلك أن لا تزج بنفسها في الحرب العظمی قبل سبر غور قوتها وقوة حليفتها نعم ان الجيش التركي كان قد بلغ درجة حسنة من حيث القوة والتنظيم بفضل الجهودالعظمى التي بذلهاأنور باشا وزملاؤه في انقاذهذاالجيش من استبداد السلطان عبد الحميد هذا الاستبداد الذي امتد زهاء ثلاثين عاماوالذي أصبحت الدولة العثمانية بسببه صورة كالحة للتأخر والاضطراب ؛ ثم ما تلا ذلك من انقسام في الرأي ، لتدخل الجيش بالشؤون السياسية بعد ثورة الجيش في مكدونيا ودخوله استانبول واعلان الدستورالعثماني عام ۱۹۰۸ ثم خلعه عبد الحميد حيث أدى هذا التدخل الى خسارة تركياالحرب البلقانية،وولاياتهاالأوروبية؛ولكن البدء بتقوية وتنظم هذا الجيش يجب ألا يؤخذ مقياسا وحده دون أن تعار أوضاع الجيوش الاخرى الاهمية اللازمة سواء أكانت هذه الجيوش محالفة أو معادية.وهكذا أفضى تدخل الامبراطور غليوم الثاني ، ذلك الرجل الاناني المستبد برأيه ، بشؤون الجيش إلى ضياع ألمانيا ؛ كما أن وجود رجل نظير أنور باشا عرف بالحزم وقوة الشكيمة على رأس الجيش التركي ادى الى انقاذ هذا الجيش من وباء الفوضى والاضطراب ، إلا أن رعونة انور وزملائه الاتحاديين و عدم تبصره في الأمور كانت اكبر عامل في دخول تركيا الحرب وضياع الامبراطورية العثمانية .

٣٦