صفحة:مذكراتي عن الثورة العربية الكبرى.pdf/43

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

جمعية الفتاة في دمشق

كان علينا إثر دخول الدولة العثمانية الحرب العظمی سنة ۱۹۱٤ و بعد أن أصبح مستقبل بلادنا في خطر أن نفكر في موقفنا، وندرس الوسيلة إلى تحقيق ما نصبو اليه من أهداف وطنية وآمال قومية. وقد كان قائد الجيش التركي في سورية خلال هذه المرحلة الدقيقة زكي باشا الحلبي، قائد الجيش الرابع الذي عرف بالمقدرة و بعد النظر. فلما قضت الحرب بتجنيد كل قادر على حمل السلاح، جند الطلاب كضباط احتياط، الأمر الذي ساعد على جمع خيرة شباب العرب في دمشق، وبذلك انتقل مركز الجمعية من بيروت الى العاصمة الأموية، وعند اعلان النفير العام قررت الجمعية الاستنارة برأي الوطنيين السوريين العرب في مصر قبل أن تنقطع طرق المواصلات، فأوفدت الأستاذ الشيخ كامل القصاب لإستمام هذه الغاية، فقام بها. وعند عودته أوقف من قبل جمال باشا الذي تسلم مقدرات البلاد في سوريا وبدأ بإظهار نواياه نحو العرب، إلا أن الشيخ كامل نجا بنفسه لان جمال لم يكن قد بدأ تطبيق سياسة البطش، ثم التجأ إلى مكة ومنها سافر إلى مصر حيث قضى فيها طيلة أيام الحرب العظمى الأولى. ثم انطلقت الجمعية في بث أفكارها القومية العربية بين صفوف الضباط الاحتياط حتى أذكت کوامن مشاعرهم . ولا أزال أذكر هاتيك الاجتماعات التي كنا نعقدها في دارنا، فيرسل الضباط الطلاب حناجرهم بترتیل الاناشيد العربية الحماسية،متغنين الأمجاد والمفاخر القومية.وكان بينهم أخونا المرحوم جلال البخاري الذي كان يشنف أسماعنا بصوته العذب مثير في نفوسنا بالغ الحماس.

–٣٧–
م(٣)