صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/63

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٦٢ -

والأهواز ذلك قبل قدومه البصرة واستقراره بها.

وبدأ إبراهيم حركته في البصرة في شهر رمضان سنة ١٤٥هـ1 بداية طيبة وكانت الظروف مواتية له إذ تقول رواية خليفة بن خياط، التي ترجع إلى شهود عيان للأحداث أن الوالي سفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلب سلم دار الإمارة إلـــــى إبراهيم من غير قتال2. ثم قوي أمره بما استولى عليه من دواب الجند وما أخذه من الأموال بعد الاستيلاء على دار الإمارة. واستطاعت طلائع قواته أن تحرز بعض النصر على القوات العباسية فاستولت على الأهواز بعد أن ألحقت الهزيمة بواليهـا، كما نجحت في دخول فارس وتمكنت من تملك مدينة واسط، وهي المركز الاستراتيجي الممتاز في ذلك الوقت.

ولم يكن لدى المنصور، إلا قلة من العسكر، إذ كانت جيوش الدولة موزعــة في الحجاز وفي خراسان وفي إفريقية التي كانت مضطربة أيضاً. وأحس المنصور بـحــرج موقفه فأظهر الزهد والتنسك والتقشف. ولكن سرعان ما استعاد رباطة جأشه، فاستدعى عيسى بن موسى من المدينة وطلب بعض جيوشه التي كانت بالري، وكتب إلـــى المهدي ابنه يأمره بإرسال القوات لاستعادة الأهواز ووجه عيسى بن موسى إلى قتال إبراهيم وطـلـب أهل الكوفة، من إبراهيم المسير إليهم ليستعين بهم، ولكـن النصوص تقول أنه كان مثالياً فخشي إن خرج أهل الكوفة إليه أن تفتك خيل المنصور بنسائهم وأطفالهم3.

أخيرا خرج إبراهيم من البصرة للقاء عيسى ونزل في مرضع يعرف باسم "باخمرا" على بعد ١٦ فرسخ من الكوفة. وحسب تقاليد هؤلاء الثوار المثاليين، وكما حـدث في المدينة رفضوا أن يقاتلوا فرقاً حتى إذا ما انهزمت فرقة خرجت فرقة غيرها للقتال، وأصروا على أن يقاتلوا صفـاً مثل أهـل الإسلام رغم ما قيـل لـهـم من أن الصــف إذا


  1. ابن الأثير، الكامل، ج ٥، ص ١٦.
  2. انظر، تاريخ خليفة بن خياط، ج ۲، ص ٦٤٩.
  3. ابن الأثير، ج ٥، ص ١٥ - ١٨.