صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/62

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٦١ -

ولم يكن تأييد أهل المدينة لمحمد قوياً، كما خرج أناس من أهل المدينة بذراريهم وأهليهم إلى الأعراض والجبال وبقي محمد في شرذمة يسيرة. وأمـر المنصور نائبه ألا يقاتل أهل المدينة إلا فيما ندر وأن يتسامح معهم، ولكنه ألح عليـه في القبض على محمد وعدم تمكينه من الهرب وأن يعلن مسئولية جميع القبائل إذا تمكن النفس الزكية من الفرار. وعرف محمد خنوع المدنيين واتخذ معهم بعــــض الإجراءات العنيفة ولكنه سمح في آخر الأمر لمن يريد الخروج منهم أن يخرج. وحاصر عيسى المدينة وسد منافذها وتمكن جنده من الوصول إلى الخندق فردموه وتفــرق معظـم أتباع محمد النفس الزكية الذي سقط قتيلاً بعد قتال سريع مجيد وذلـك في منتصف رمضان سنة ١٤٥هـ / كانون أول (ديسمبر) ٧٦٢م1.

ولم يكن للثورة العلوية من رد فعل في المدينة إلا اضطراب السودان في البلد الذين استولوا على بعض أمتعة الوالي الجديد ولكن أمرهم انتهى إلى الهدوء2.

وهكذا قضى المنصور على محمد النفس الزكية ولكن بقي أخوه إبراهيم الـذي خرج في البصرة والتي كانت ثورته أشد خطراً على المنصور.

ثـورة إبراهيم بن عبد الله بن الحسن أخي محمد بالبصرة:


كان إبراهيم يدعو - كما سبق القول - لأخيه محمد، وأغلب الظن أن الأخوين كانا قد اتفقا على أن يعملا منفصلين، وذلك حتى تتم المباغتة للدولة وحتى إذا ما انهزم أحدهما نجا الآخر ولو عرف إبراهيم كيف يستغل الظروف ويسير بجيوشه ضد المنصـور وقت أن كان المنصور في ضعف نتيجة لانتشار قواته في أطراف الدولة لربما انتهــــت ثورته في البصرة بالنجاح.

وكما تقول الروايات اتخذ إبراهيم المشرق مجالاً لنشاطه وذلك في فارس وكرمـان


  1. ابن الاثير، الكامل، ج ٥، ص ۸ – ۱۱.
  2. ابن الأثير ج ٥، ص ۱۳ – ١٤.