صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/64

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٦٣ -

انهزم تداعى سائره واقتتل الناس قتالاً شديداً، وانتصر أصحاب إبراهيم في البداية، ولكن الأمر انتهى بهزيمتهم وبمقتل إبراهيم في ٢٥ من ذي القعدة سنة ١٤٥هـ1. وبذلك اندحرت الثورة العلوية وخلص الأمر للعباسيين.

بناء مدينة بغداد:


انصرف اهتمام المنصور، إلى تشييد حاضرة جديدة للدولة. وكان قد شرع في ذلك عقب توليه الخلافة مباشرة. فتقول النصوص أنه كان يبحث عن موضع مناسب لتلك العاصمة. وكان السفاح قد استقر في الأنبار وفي الهاشمية وهي التي استقر فيها المنصور في أول عهده. ولما كانت الهاشمية على الضفة اليسرى للفرات فإنهـا كانت قريبة من الكوفة. والكوفة كانت مركز العلويين وهي التي سببت الكثير من القلاقل للدولة الأموية، ربما كان هذا هو السبب في عدم اختيار ذلك الموضع لبناء العاصمة الكبرى.

وتجمع الروايات على أن المنصور لم يبن مدينته الجديدة في مكان قفـر خـال من السكان بل أن الكتّاب يذكرون عدداً من الأماكن العامرة بالقرب منها، ويذكـرون من بين هذه الأماكـن قرية بغداد على الضفة الغربية لنهر دجلة. وربما كانــــــــــت


  1. انظر، ابن الأثير، الكامل، ج ٥، ص ١٩، وقارن خليفة بن خياط، ج ۲، ص ٦٥٠ حيث يذكر أن إبراهيـم خـرج من البصرة بعـد أن استخلف عليهـا ابنه الحسن بن إبراهيـم ونزل باخمرا من ســـواد الكوفة. هذا بينمـا يكتبها المسعودي في مروج الذهب، ج ٤، ص ١٤٨، في شكل "باخمـري" وهـو يقول وهو الموضع الذي ذكرته الشعــراء ممن رثـى إبـراهـيـم فممن ذكر ذكر ذلك دعبــل الخزاعي فقال في قصيدة له:
    قبور بكوفان وأخرى بطيبة
    وأخرى بفخ نالها صلواتي
    وأخرى بأرض الجوزجان محلها
    وقبر بباخمرا لدى العرمات