صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/86

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۸۲ - « ولقد طلعت شمس الخمر من مشرق كأسك « فإذا أردت صفاء العيش ، فقم من غفلتك وادفع النعاس من رأسك « وقبلها يأخذ الفلك طينتنا ويصنع منها الكيزان والأكواب تنبه واملا صحاف رءوسنا بالخمر والشراب ... الخ و حافظ – كما ترى - في نشوة بالخمر وبالجمال ، في الطبيعة وفى الوجوه الحسان وجمال الطبيعة دائما في خاطره وهو يتغزل بالوجوه الجميلة . والنشوة بخمر الجمال دائماً في حسه وهو يثمل بخمر الدنان . والدنيا كلها ربيع دائم باسم ، لا تذبل زهراته الجميلة ، ولا تجف أعواده الندية . والحب جميل حتى مع الهجر والفراق ، والتأوهات والدموع لذيذة كالقبل والعناق « فيارب لا تجعل العالم خاليا من أنين العاشقين . فأصداء أنينهم بهيجة حسنة الترجيع والتلحين». والحبيب معبود يعبد واصلا راضيا ، ويعبد هاجرا قاليا . وحافظ عابد صوفى يتمسح بالأعتاب ويصدع بالإشارة ، ويمرغ خديه بالتراب – كما يقول – في جذل وانجذاب . وأنا أعنى كلمة « انجذاب » هذه ، فحبه وخمره يستوى أن يكونا في الأرض أو في السماء ، فهو ينتقل من هذه إلى تلك في رشاقة وخفة ، وفي تهويمة ناعسة ، فلا تدرى أيهما هواه . وخمره نواسية أو إلهية . فهو في « الحان » كما في « الخانقاه » درویش مجذوب ، ثمل بالشراب ، أيا كان كنه الشراب . « البستان جميل ، وأجمل منه مصاحبة الخلان والأحباب - « فايطب وقت الورد ، فبه يطيب وقت الشاربين والشراب « وفي كل لحظة تتعطر مشام روحي بما تحمله الصبا من عبير « ولكن ( أرباب الهوى ) أنفاسهم دائما محببة تستطاب « ولقد عزمت الوردة على الرحيل قبلما تتفتح عن غلالتها « فنوح أيها البلبل ، فنواح أصحاب القلوب الجريحة مستطاب 6