صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/82

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۷۸ – « مبعثر الخصلات ، محمر الوجنات ، ضاحك الأسنان ، تلعب به الخمر، سكران ممزق القميص(1) ، يتغنى بالألحان ، في يده أبريق من بنت الحان « عيناه كأنهما زهرات النرجس توحي بالعربدة ، وشفتاه الرقيقتان ساحرتان أقبل في نصف الليل أمس ، فجلس إلى وسادتي بضع ثوان « ثم أدار رأسه إلى أذنى وهمس فيها لحنا حزينا قائلا ... ( يا عاشقي القديم ، هل أنت نائم نعسان؟ ) .... ...

« والعاشق الذي يعطونه مثل هذه الخمر الليلية يكفر بالعشق إذا لم يصبح عابداً للخمر والدنان « فاذهب – أيها الزاهد – ولا تهزأ بمن يتجرعون ا ن الثمالة فإنهم لم يعطونا غير هذه التحفة منذ أقدم الأزمان « ولقد شربنا ما صبه الساقي في كئوسنا سواء كانت خمرة من خمور العربدة أو من خمور الفراديس والجنان « وابتسامة كأس الشراب ، وطرة الحبيب المجمدة الملتفة ما أكثر ما كسرتا من توبات مثل توبتك أيها ( الحافظ ) الولهان » فهنا التسلسل في المعنى إلى حد ما . ولكنها حافلة بالإيماءات والإشارات المتناثرة في شتى الأغراض . ... أما التكرار الذي أشرت إليه آنفا فهو ملحوظ بوفرة في هذه الغزليات ، ولكنه كما قلت لا يبعث مللا ولا سآمة ، وهذا هو العجيب ولقد سبق حافظاً شاعر فارسی آخر ، دائب التكرار أيضاً لمقاطعه ولمعانيه ، دون أن يسهم هو الآخر أو يمل ... ذلك هو ( الخيام ) . ولكنك هناك واجد حرارة لاذعة ، وأسى عميقاً ، ومعنى نفسياً ضخماً . (1) لعلها إشارة إلى يوسف وقميصه المقدود .