صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/64

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۰ « هي الآن تلمس براحة البنوة شعرك المشتعل « وتبارك هذا الشفق الحزين بدموع الصباح » تتصور هذه هي المسارب النفسية التي سارت فيها خطرات تلك الفتاة ، ، وهي من نفسها عجوزا في أواخر الأيام ، وتلك هي المسالك والدروب المتعرجة الطويلة . وهي ( إنسانة وامرأة ) حين تحس بخطوات الزمن هذا الاحساس ، وحين تزج بخيالها إلى المرهوب من شيخوختها – وهي في حمى منها بفورة الشباب الحاضر - ومع ذلك تفزع وتضطرب ، فتلجأ إلى خيال الذكريات التي ستعتادها في الشيخوخة المرتقبة ذكريات الشباب التي « ستسرى إلينا في المساء كأنها قبلة الصبـاح » فإذا هدأ روعها وتماسكت عادت تواجه « العجوز التي ستكونها » بالحقيقة المؤلمة : « إنما هو شباب واحد وينطوى من الحياة الضياء» شباب واحد . والمرأة أحس ما تكون بوحدانية هذا الشباب ! وإننا لنمضى في تتبع هذه الخطرات النفسية في نفس هذه « الإنسانة » فلا تبلغ مداها ، بأيسر ولا أوضح مما بلغته ألفاظها ، فلا ضرورة إذن للشرح والبيان . هنا فيض إنساني من الخوالج والخواطر والأحاسيس ، قامـا تعبر فيها على ( معنى ) بارز ، أو فكرة مبلورة ، أو حكمة سائرة . ولكنك لا تخطىء فيها وجه « الإنسان » وانفعالاته وخطراته ، تهاوج وتتداخل ، وتضطرب وتختلج وتسمع فيها حركة الحياة وتلمح فيها ظلالها من وراء الألفاظ والتعبيرات . ذلك شعر ، وشعر كله ، وشعر يحسن أن نتأثر لا مقلدين، ولكن مستفيدين ففي نفوس الكثيرين منا ينابيع طليقة ، تحبسها الطرائق التقليدية للشعر العربي في التعبير . وإن كانت المسألة في صميمها أكبر من الألفاظ وأوسع من التعبير ا