صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/60

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

انقلابات . ولم تثر في نفسه أشتات الذكر ، وألوان الخواطر التي تعتلج في نفس « الإنسان » وترد على الخاطر ولو لم ينظر في المرآة ! ولا أحب أن أنكر جمال اللهفة في قوله : « متى ترحل من هذا المكان متى؟ » فإنه نبضة « إنسانية » لها قيمتها ، ولكنها نبضة واحدة ، تكاد تلتقى بومضات الذهن، ولفتات الفكر، وأيا ما كانت ، فهي تنبض مرة واحدة ، ثم تجمد بلاحراك . على مقربة من هذه القطعة في الكتاب ، قطعة أخرى للشاعرة الانجليزية « أليس مينل » تحت عنوان : « خطاب فتـاة إلى العجوز التي ستكونها بعد سنين » وهي مقطوعة طويلة ، ولكنا سننقلها كاملة ، لأن الاجتزاء ببعض منها دون بعض لا يجدى . فهنا « إنسانة » تطل بشطر منها على شطر ، وتنظر بعين الفتاة الناضرة العابثة ، إلى العجوز المستكينة الفانية ، فلا تستطيع أن تماسك أمام الصورة التي تستحضرها بعين الخيال ؛ فترثى لنفسها بنفسها ؛ وتشتبك الأحاسيس والمشاعر ، وتظل رائحة جائية بين المستقبل الأعجف المظلم ، والحاضر المنضر المنير ؛ وتعرض أمام خاطرها شريطا حافلا بالخواطر والأحاسيس . وهي بين ذلك كله ( الإنسانة ) و ( المرأة ) في مخلوقة واحدة ، وهذه هي المقطوعة : ) 1071 . « إسمى ! أيتها المرأة التي أبلتها السنون « إذا طويت يدك الناحلة على هذا القرطاس « فاذكرى تلك التي باركته بلسانها وقبيلانها »

( « أناديك : يا أماه ، فإن اثقال السنين كسرتك « بل أناديك : يا بنتاه ، فإن ذكرى الزمن أيقظتك « ومن أطوار قلبي ، يخلق الزمن كل ما فيك »